إذا أغرتك يوما حبة الكبتاغون وتساءلت عن فعلها في جسدك وذهنك وسلوكك قد تسأل أولا عن المواد التي تحتوي عليها تلك الحبة، المعروفة باسم “أبو هلالين”.
لكن المفارقة هي أن قرص الكابتاغون، مع أنه موجود – بإسمه هذا وعلامته التجارية – منذ أكثر من نصف قرن، يبقى لغزا يصعب حله. وإذا تناولته، فانك على الأرجح تفعل ذلك دون فكرة واضحة عما يدخل إلى جسدك وبأية كميات. وهذا يزيده خطرا على مستهلكيه عموما والمدمنين عليه خصوصا.
مع ذلك، يُعتقد أن المادة الأساسية الفعالة التي تدخل في صناعة الكابتاغون في صيغته الحالية هي مادة الأمفيتامين.
فكما أوضح لوران لانييل، المحلل العلمي لدى المركز الأوروبي لرصد المخدرات والإدمان لبي بي سي:
“على حد علمنا وبناء على معلومات جنائية محدودة تم جمعها خلال عقد ونصف، فإن حبوب الكابتاغون هي بشكل أساسي عبارة عن امفيتامين، وهو نفس المادة التي تباع في الشوارع الأوروبية، لكنه في أوروبا يباع على شكل بودرة.”
لكن مع أن الامفيتامين هو نجم قصة الكابتاغون، إلا أنه ليس المادة الكيماوية الوحيدة في تلك القصة.
بداية الكابتاغون
عام 1961، قامت شركة أدوية المانية بتصنيع دواء أسمته كابتاغون، وكانت المادة الفعالة فيه فينيثيلين، وهي بعد تناولها تنقسم في الجسم إلى مادتي الأمفيتامين وثيوفيلين، فتعمل المادتان سوية بشكل أكثر فعالية من الأمفيتامين وحده.
استخدم الكابتاغون لعلاج بعض الحالات كاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وحالة الخدار، لكن الأدلة تراكمت على أنه يسبب الإدمان، وعدد من الآثار الجانبية، كما أسيء استخدامه كمنشط في الرياضة، فتم حظره في الثمانينيات من القرن الماضي.
تسرب بعض المخزون المتبقي من مادة الفينيثيلين إلى عصابات منظمة قامت بالترويج للكابتاغون بعد حظره، لكن المادة أصبحت صعبة المنال، فبدأت العصابات تستخدم موادا أخرى في تصنيع الحبة، مع الحفاظ على الاسم والعلامة التجارية.
وقد أفادت تقارير بأن تحاليل جنائية أجريت بعد عمليات مصادرة للكابتاغون أشارت إلى خلوها من مادة الفينيثيلين. كما تشير معظم التقارير إلى أن مادة الأمفيتامين هي المادة الفعالة الأساسية في معظم الحبوب التي تتم مصادرتها وتحليلها، إنما مع غيرها من المواد.
وقال لانييل: “إضافة إلى الأمفيتامين – وهو المادة الفعالة عادة – هناك مواد أخرى، أكثرها الكافيين. في بعض الأحيان، تجد الميتامفيتامين، وهو قريب من الأمفيتامين، لكن هذا نادر.”
وقال إن الأساس في فهم صناعة الكابتاغون هو في فهم من أين يأتي الامفيتامين، مضيفا أن “التصنيع يتم في الشرق الأوسط، في سوريا ولبنان وربما أماكن أخرى. وكذلك، معروف ان هناك عصابات في هولندا وبلجيكا تعتبر مصنعة كبيرة على نطاق عالمي للامفيتامين، وحتى أن بعض حبوب الكابتاغون التي وصلت إلى الأسواق في دول خليجية على الأرجح تم تصنيعها في أوروبا، لكنها نسبة قليلة مقارنة بالمصادر الأخرى”.
تشير تقارير إلى أن كمية الأفيتامين في القرص تتفاوت كثيرا، وعُثر على قلة من الأقراص التي كانت خالية من الأمفيتامين أو من أي مؤثر عقلي.
مفعول الكابتاغون
المادة الأساسية في معظم أقراص الكابتاغون هي الأمفيتامين، وهي مادة تحفز الجهاز العصبي المركزي، وقد تؤدي الى الإدمان. من بين أثارها أنها تسهم في زيادة التركيز والأداء البدني، وبالسيطرة والثقة بالنفس، وبالرغبة بالتواجد مع الآخرين والإكثار من الحديث، كما تزيد الطاقة وتخفف القابلية على الطعام.
وقال لانييل: “تشعر أنك اقوى وأنك مهما فعلت، ستفعله بشكل أفضل، مع أن هذا ليس بالضرورة صحيحا.”
وأضاف: “الدراسات التي أجراها البريطانيون والأميركيون خلال الحرب العالمية الثانية على طيارين في سلاح الجو أظهرت أنه أحدث شعورا رائعا لديهم، وخفف منسوب الخوف، لكن أدائهم لم يكن بمستوى شخص لم يتناول الأمفيتامين.”
في كل الأحوال وبغض النظر عن خصائص الأمفتياماين، فان الأساس في الكابتاغون أن استهلاكه أصبح خارج السياق الطبي كليا منذ حظره في الثمانينيات، ويتم تناوله دون وصفة طبية ودون معرفة جرعة الأمفيتامين التي يحتوي عليها القرص ولا معرفة أي خليط من المواد الأخرى موجود فيه.
بالتالي، يصعب الحديث عن العوارض الجانبية للكابتاغون بدقة.
مع ذلك، فقد تحدث بعض الأطباء إلى الإعلام وذكروا عددا من العوارض التي شهدوها لدى مستخدمين ومدمنين، وكذلك تحدث بعض المدمنين عن أثار الكابتاغون عليهم.
وبين تلك الآثار: زيادة ضغط الدم ومعدل نبضات القلب، تغييرات وظيفية في الدماغ، ازدياد احتمال السكتة الدماغية، صعوبات في التنفس، آلام في العضلات والمفاصل، الارتباك والغضب والتوتر، الاكتئاب والهلوسات والعدائية وتقلب المزاج.
كل هذه الاحتمالات وغيرها تزيد (أو تقل) حسب الجرعة الموجودة في قرص الكابتاغون، وهي غير معروفة وتتفاوت بشكل كبير بين الحبة والأخرى.
يضاف إلى كل ذلك أن بعض الأقراص تحتوي على الميثامفيتامين، و يعتبر أقوى أخطر من الأمفيتامين.
السوق الأكبر في الخليج
هناك سوق للكابتاغون في كثير من دول المنطقة، ومؤشرات إلى احتمال بروز أسواق جديدة في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا. لكن يبدو أن السوق الأبرز حاليا موجود في دول الخليج، وتحديدا في السعودية.
ونقلت وسائل إعلام سعودية عن وزارة الصحة أن هناك 200 ألف مدمن على المخدرات في السعودية، وأن المخدرات الأكثر رواجا في البلاد تتضمن الحشيش، ثم الكابتاغون، ثم الهيرويين.
مع ذلك يشكو خبراء من شح المعلومات والبيانات حول هذه السوق.
وعلى عكس التعامل الصارم مع المهربين والتجار والمنتجين، يبدو أن السعودية تتعامل بشكل مغاير تماما مع المستهلكين خاصة إذا تقدموا بطلب المساعدة.
وزارة الصحة السعودية أعلنت العام الماضي عن تفعيل مبادرة تعزيز خدمات علاج الإدمان في العيادات النفسية، ورشحت 50 مستشفى لديها كعيادات نفسية طبية.
بي بي سي تحدثت إلى مشعل الحارثي، الأخصائي النفسي والمدير التنفيذي المساعد في مراكز ومنتجعات قويم لعلاج الإدمان.
وقال الحارثي: “مريض الإدمان يحتاج في المرحلة الأولى إلى التقبل الأسري لهذه المشكلة ومن ثم الذهاب بهذا المريض الى إحدى المصحات المتخصصة.”
وأضاف أن المرحلة الأولى في العلاج هي سحب السموم (ديتوكس)، وقد تستغرق بين خمسة أيام وعشرين يوما. ثم تبدأ “الرحلة الطويلة” وهي عملية إعادة التأهيل.
يقول الحارثي أن المركز يولي اهتمامه لعلاج كل أنواع الإدمان وليس فقط الإدمان على الكابتاغون.
“أي مادة يساء استخدامها تتحول إلى ما يسمى بالاعتمادية. يشعر (المدمن) بارتباط مع هذه المادة، لكن في نهاية المطاف يشعر بمشكلة أنه اصبح لديه اعتماد على المادة. دور الفريق المعالج في قويم وكل المراكز العلاجية المتخصصة أن نساعد المريض في التخلصن من المشاعر المرتبطة بهذه المادة من خلال برنامج علاجي.”
لا تعليق